في شهر آب 2014، اجتاح تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) قرى الإيزيديين في سنجار شمال العراق، وقتل وخطف و”أخفى قسراً” آلاف النساء والرجال والأطفال الإيزيديين. وقد كرست الدكتورة نغم حسن، الناشطة وأخصائية الأمراض النسائية، حياتها لقضية الإيزيديين، وزيارة الناجين من الاستعباد الجنسي والتعذيب على أيدي تنظيم داعش في مخيمات النازحين العديدة لتقديم الدعم الطبي والنفسي. و”هذا ليس لأنني طبيبة، بل لأنني أؤمن بحقوق الإنسان”، كما قالت لمنظمة أطباء من أجل حقوق الإنسان.
سألنا د. نغم كيف يؤثر كوفيد-19 على السكان في منطقتها. وفيما يلي مقتطفات من المقابلة.
كيف كانت أوضاع المخيمات قبل كوفيد-19؟
د. نغم: كانت المخيمات قبل كوفيد-19 تعيش أوضاعاً رهيبة. فالنازحون يعيشون في خيام مكتظة بدون كهرباء أو حماية من عواصف الشتاء القارس وحر الصيف الشديد. ومؤخراً، تفاقمت هذه الأوضاع بسبب نقص فرص العمل في المخيمات. كما تراجع دعم الجهات الدولية بشكل كبير بعد أن حررت الحكومة العراقية مدينة الموصل من قبضة داعش في عام 2017. ومنذ ذلك الحين، بدأت منظمات الإغاثة في إعادة توزيع مواردها باتجاه إعادة بناء المناطق المحررة حديثاً ودعمها. ومع أنها لا تزال تدعم المخيمات، فإن هذا الدعم ضئيل مقارنة بالاحتياجات.
كيف تصفين مستوى جاهزية المخيمات لمواجهة وباء كوفيد-19، على مستوى الحكومة والمؤسسات والأفراد؟
د. نغم: شكلت الحكومة فرقاً لتنظيم حملات توعية في المخيمات بشأن طرق انتقال الفيروس، وكيفية غسل اليدين، والحفاظ على التباعد الاجتماعي، وكيفية الإبلاغ عن الحالات المشتبه فيها. كما قاموا بتعقيم الخيام في المخيمات. وجرى توزيع التبرعات من لوازم نظافة صحية وأغذية في بعض المخيمات. أنا مستمرة في زيارة مرضاي المعتادين في المخيمات، وأرتدي الكمامة والقفازات. أقوم أيضاً بالتنسيق مع العيادات الصحية هناك لإخباري إن كانت هناك أي حالات حرجة، فأرسل سيارة إسعاف لنقلهم إلى المشفى لتقديم الرعاية الطبية المطلوبة.
“ليس لأنني طبيبة، بل لأنني أؤمن بحقوق الإنسان”
أطلقتُ أيضاً مبادرة جديدة لخياطة الكمامات من قماش طبي معقم وتوزيعها في المخيمات، وكذلك على المسعفين. وقد وزعنا 500 كمامة حتى الآن. ربما يكون هذا العدد صغيراً، ولكن هذا كل ما نستطيع إنتاجه حتى الآن بالموارد المتوفرة لدينا. ورغم ذلك، فإن الحاجة تفوق كثيراً ما وزعته جميع الأطراف التي تدعم المخيمات في الوقت الحاضر.
كيف يتأقلم النازحون مع الوقائع الجديدة؟
د. نغم:عموماً، لم يتغير أي شيء. فمعاناة الناجين من الإيزيديين متواصلة منذ عام 2014. إنهم يعانون من صدمات نتيجة جرائم داعش بحقهم وبحق عائلاتهم. يعانون لأنهم لا يعرفون مصير الكثير من أفراد أسرهم ممن لا يزالون في عداد المفقودين. يعانون بسبب العيش اليومي في خيام صغيرة في مخيمات تعتبر الاحتياجات الأساسية فيها من الكماليات. واليوم، تتمثل معاناتهم الأشد في عدم القدرة على العودة إلى منازلهم. شاهدت حالات من تزايد اضطرابات النوم والقلق والاكتئاب أدت إلى الانتحار. كما توجد أمراض وأوضاع صحية جسدية كانت منتشرة قبل كوفيد-19 بفترة طويلة، وجهاز المناعة ضعيف عند الأغلبية بسبب سوء التغذية. لقد سجل الفقر مستويات غير مسبوقة، لأن الكثير من النازحين فقدوا مصدر رزقهم بسبب الإغلاق. قبل يومين، اتصلت بي عائلة واشتكوا من أن أطفالهم يذهبون إلى الفراش جائعين كل ليلة. والأنكى من ذلك أن عليهم الآن مواجهة مستوى أعلى من الصدمات بسبب كوفيد-19، وهذا يؤثر سلباً على صحتهم الجسدية والنفسية المتدهورة بالأصل. إنهم يعيشون في خوف دائم وعدم يقين من المستقبل.
ما أشد مخاوفك وسط أزمة كوفيد-19؟
د. نغم:خوفي الأكبر هو أن يصل الوباء إلى مخيمات النازحين الذين يعيشون بالأساس في ضائقة شديدة. فاجتماع الازدحام الشديد مع نقص الموارد ومحدودية حملات التوعية يجعل هذه المخيمات أرضاً خصبة لانتشار الفيروس. وما من شك في أن ظهور إصابة واحدة في المخيمات قد يسفر عن انتقال العدوى إلى الآلاف، وسيصبح من الصعب عندئذ السيطرة على انتشار الفيروس.
“خوفي الأكبر هو أن يصل الوباء إلى مخيمات النازحين الذين يعيشون بالأساس في ضائقة شديدة”
ما المطلوب في هذه المرحلة لتحسين مستوى الجاهزية؟
د. نغم:يجب ألا ننسى النازحين عموماً، والإيزيديين خاصة. ولحماية هؤلاء، على الحكومة والمنظمات الدولية مواصلة تنفيذ حملات التوعية والتعاون معاً لتوفير الكمامات والقفازات ومستلزمات النظافة الصحية والتأكد من أن جميع المخيمات مشمولة في خطة التنفيذ. وعلى الحكومة مساعدة النازحين مالياً. فالمعركة ضد هذا الفيروس طويلة، وأنا قلقة من كون النازحين لن يستمروا في الالتزام بالقيود على الحركة لأنهم يريدون العمل وإطعام أسرهم.
ماذا تأملين من محاربة كوفيد-19؟
د. نغم: هذه الأزمة تبقينا منفصلين جسدياً، لكنها في كثير من الأماكن تبرز أفضل ما في الإنسانية. آمل أن يتم إدراج النازحين في جميع مشاريع مكافحة كوفيد-19 في العراق والمنطقة والعالم.