This post is also available in: English
بعد عشر سنوات من حرب ضروس ومعاناة تفوق الوصف، يبدو مشهد حقوق الإنسان والعدالة والمساءلة في سوريا قاتماً. في ربيع 2011، نزل المحتجون السلميون إلى الشوارع في جميع أنحاء سوريا مطالبين بحقوق الإنسان الأساسية والكرامة. فقابلتهم الحكومة السورية بحملات قمع شرسة. وتطور هذا العنف بعدها إلى حرب أهلية وحشية عصفت بالبلاد. وقُتل فيها مئات الآلاف من السوريين، ونزح الملايين. وجرى استهداف المهنيين الصحيين وغيرهم من المدنيين بلا هوادة وبشكل غير قانوني، وتم خرق القوانين والمعاهدات الدولية بشكل صارخ.
وعلى الرغم من حصول محادثات سلام وصدور قرارات عدة عن مجلس الأمن الدولي – رفضت روسيا والصين عدداً منها – استمرت المعاناة والقتال. وقد أدت جائحة كوفيد إلى مفاقمة الوضع المأساوي وجعلته شديد الخطورة لدرجة يصعب معها تخيل أي مسار مستقبلي يمكن أن ينهي معاناة السوريين.
وخلال عشر سنوات من النزاع في سوريا، استخدمت منظمة أطباء من أجل حقوق الإنسان منهجيات البحث والتحقيق والتدريب – إلى جانب الحشد والمناصرة المرتكزة على آرائها الطبية المتميزة – لتعزيز جهود تأمين العدالة والمساءلة عن انتهاكات حقوق الإنسان المرتكبة في النزاع. توثق خارطتنا التفاعلية عبر الإنترنت الهجمات على مرافق الرعاية الصحية وقتل الكوادر الطبية، وتقدم معلومات وتفاصيل عن مواقع الهجمات التي تمكنت أطباء من أجل حقوق الإنسان من التحقق منها بشكل مستقل – والتي ارتكبت الحكومة السورية و/أو حلفاؤها الروس 90 بالمئة منها.
“لم نعد نعرف ما هي المشافي التي لا تزال قائمة وتلك التي تحولت إلى أنقاض. لم نعد نعرف من قُتل ومن لا يزال حياً. كنا في حالة من التشوش الكامل. الارتباك الكامل. كان المرضى يتدفقون إلى المستشفى بلا توقف. وكان كل من بقي قادراً على العمل يعمل ليل نهار لأسابيع. لقد اعتدنا قبلها على مستوى معين من الضغط، لكن ليس بهذا الشكل إطلاقاً. استراحة قصيرة من عامل طبي واحد قد تعني وفاة مريض. وقد زاد هذا الضغط بسبب تدمير مزيد من“
رامي، أخصائي رعاية صحية كان يعمل في مستشفى معروف أثناء الهجوم الأخير على الغوطة الشرقية
يصادف 15 آذار/مارس مرور عشر سنوات على الانتفاضة في سوريا. ولإحياء هذه الذكرى الحزينة، صممت أطباء من أجل حقوق الإنسان سرداً تفاعلياً لبعض اللحظات الرئيسية التي تلخص هذا النزاع. وإلى جانب هذه الأحداث، تحققنا من إحصاءات أطباء من أجل حقوق الإنسان عن عدد المستشفيات التي طالها القصف وعدد القتلى في صفوف العاملين الصحيين.
Tracing a Decade of Deadly Conflict
اندلاع احتجاجات أطلقت شرارة ثورة في جميع أنحاء سوريا
متظاهرون في درعا يحتجون على اعتقال وتعذيب تلاميذ بسبب كتابات مناهضة للحكومة على الجدران. اندلاع احتجاجات في جميع أنحاء البلاد تطالب بالحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية، والحكومة السورية تستخدم القوة في مواجهتها؛ خلال أسابيع قليلة، يقتَل أكثر من 200 شخص. وتشن الحكومة حملة متواصلة من العنف الشديد والترهيب، بما في ذلك هجوم شامل على النظام الطبي في البلاد.
منظمة أطباء من أجل حقوق الإنسان تبدأ التحقيق في الاعتداءات على العاملين الصحيين.
القوات الحكومية تدخل مستشفى درعا الوطني، وتخليه من الموظفين غير الأساسيين، وتضع قناصين على سطحه لضمان حصول أفراد من جيش الحكومة السورية أو المدنيين من الأحياء التي تسيطر عليها الحكومة فقط على الرعاية.
إنشاء لجنة التحقيق الدولية المستقلة بشأن الجمهورية العربية السورية
في آب/أغسطس، يشكل مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة لجنة التحقيق الدولية المستقلة بشأن الجمهورية العربية السورية للتحقيق في جميع الانتهاكات المزعومة للقانون الدولي لحقوق الإنسان في سوريا منذ آذار/مارس 2011.
الحكومة تبدأ اعتقالات واسعة النطاق للكوادر الطبية
الحكومة السورية تنتهج استراتيجية استهداف العاملين الطبيين واحتجازهم لمعاقبتهم على تقديم العلاج للمتظاهرين المصابين أو للمدنيين المحرومين من العلاج في المستشفيات الحكومية.
أطباء من أجل حقوق الإنسان توثق وقوع 89 هجوماً على مرافق الرعاية الصحية في سوريا خلال عام
في آب/أغسطس، تقصف القوات الحكومية مرات عدة مستشفى ميدانياً في حمص لمدة يومين، وتصيبه بعشرين قذيفة.
الرئيس أوباما يصدر تصريح "الخط الأحمر"
في أغسطس، يصرح الرئيس الأمريكي باراك أوباما بأن نقل الأسلحة الكيميائية أو استخدامها من قبل الحكومة السورية يعتبر “خطاً أحمر” سيغير حسابات إدارته للصراع. في هذه الأثناء، الجمعية العامة للأمم المتحدة تدين العنف في سوريا وتؤيد اقتراح جامعة الدول العربية بالانتقال السياسي.
أول هجوم واسع النطاق بالأسلحة الكيميائية على المدنيين
في 21 آب/أغسطس، يحدث أول استخدام واسع النطاق للأسلحة الكيميائية في سوريا في الغوطة الشرقية، مما يسفر عن مقتل أكثر من 1400 مدني ويثير موجة من الغضب الدولي. أطباء من أجل حقوق الإنسان تطالب بإجراء تحقيق مستقل.
أطباء من أجل حقوق الإنسان توثق وقوع 48 هجوماً على مرافق الرعاية الصحية في سوريا خلال عام 2013.
في حزيران/يونيو، تصيب قذيفة مستشفى الرقة الوطني وتدمر قسم العناية المركزة فيه. وفي تموز/يوليو، تدمر القوات الحكومية مستشفى الجبان في حلب بعد قصف مدفعي وجوي متواصل.
مجلس الأمن الدولي يتبنى قراراً بشأن استخدام الأسلحة الكيميائية.
في 27 أيلول/سبتمبر، يتبنى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة بالإجماع القرار رقم 2118 بشأن استخدام الأسلحة الكيميائية في سوريا. يطالب هذا القرار بالتحقق من مخزون سوريا من الأسلحة الكيميائية وتدميره، ويدعو إلى عقد محادثات جنيف الثانية للسلام، ويؤيد إنشاء هيئة حكم انتقالي في سوريا.
تواصل استهداف العاملين الصحيين ومرضاهم والمدنيين بالقوة المميتة
على الرغم من اتفاقية الأسلحة الكيميائية، تستمر أزمة اللاجئين والنازحين السوريين: هروب أكثر من مليوني شخص من البلاد ونزوح 4.25 مليون داخلياً.
أطباء من أجل حقوق الإنسان توثق وقوع 86 هجوماً على مرافق الرعاية الصحية في سوريا خلال عام 2014.
في نيسان/أبريل، تلقي القوات الحكومية برميلاً متفجراً يحتوي على غاز الكلور قرب مستشفى الوسام في كفر زيتا. المرضى والطاقم الطبي يضطرون إلى إخلاء المستشفى هرباً من الأبخرة السامة، وتعطل الخدمات الطبية.
في حزيران/يونيو، تقصف الطائرات الحكومية مستشفى أورينت الجراحي في كفرنبل بإدلب بصاروخ فراغي موجه يلحق أضراراً بمركز غسيل الكلى والصيدلية والأجهزة الطبية، ويسفر عن مقتل طفل حديث الولادة مع طبيب وفني تخدير.
صدور قرار مجلس الأمن رقم 2165 الذي يجيز تقديم مساعدات إنسانية إلى سوريا عبر الحدود.
بعد فشل الحكومة السورية في الوفاء بالتزاماتها بموجب قرار مجلس الأمن رقم 2139، يعتمد المجلس القرار رقم 2165 الذي يسمح للأمم المتحدة وشركائها بالوصول عبر الحدود وعبر خطوط التماس لتقديم المساعدات الإنسانية في سوريا.
روسيا والصين تستخدمان الفيتو في مجلس الأمن ضد إحالة سوريا إلى المحكمة الجنائية الدولية.
في أيار/مايو، تمنع روسيا والصين مجلس الأمن من تبني قرار يفوض المحكمة الجنائية الدولية بالتحقيق في انتهاكات حقوق الإنسان في سوريا.
نشر “صور قيصر” التي توثق تعذيب وقتل المعتقلين لدى الحكومة السورية
مصور كان يعمل في الشرطة العسكرية السورية، ينشق ويهرّب إلى خارج البلاد أكثر من 50 ألف صورة لجثث المعتقلين الذين ماتوا في المعتقلات السورية ويستخدم اسماً مستعاراً هو “قيصر”. فريق الطب العدلي في أطباء من أجل حقوق الإنسان يدرس تلك الصور لتوثيق أدلة على التعذيب وأسباب الوفاة بغية التحقق من صحتها.
أطباء من أجل حقوق الإنسان توثق وقوع 123 هجوماً على مرافق الرعاية الصحية في سوريا خلال عام 2015.
في 30 يلول/سبتمبر، روسيا تبدأ أولى حملات القصف الجوي دعماً للحكومة السورية، وتستهدف المستشفيات مراراً وتكراراً.
في الصباح الباكر من يوم 16 تشرين الأول/أكتوبر، سلسلة غارات جوية تقصف مستشفى بلدة الحاضر جنوب حلب، وتلحق أضرارا بالبناء والتجهيزات والمواد الطبية. تنقطع الكهرباء عن المستشفى مما يخرجه عن الخدمة ويتم إجلاء المرضى. تعتقد المصادر أن الهجوم نفذ بطائرات حربية روسية.
الحكومة السورية تستعيد السيطرة على حلب الشرقية
مع نهاية حملة الحكومة لاستعادة السيطرة على المدينة من المعارضة، كان 95% من أطباء حلب قد هربوا أو اعتقلوا أو قُتلوا
أطباء من أجل حقوق الإنسان توثق وقوع 109 هجمات على مرافق الرعاية الصحية خلال عام 2016
استمرار الهجمات على الرعاية الصحية بوتيرة عالية، بما في ذلك ممارسة الحكومة السورية للعديد من أشكال الحصار والهجمات ضد شرق حلب الذي تسيطر عليه المعارضة. وفي إحدى الهجمات الكثيرة، تستهدف الطائرات الحربية السورية و/أو الروسية مستشفى الأتارب بسلسلة من الغارات في تموز/يوليو. فتصيب المستشفى بأضرار جسيمة فيخرج عن الخدمة.
في محافظة إدلب، يقتل سبعة أشخاص على الأقل في هجوم آخر على مستشفى تدعمه منظمة أطباء بلا حدود.
إنشاء الآلية الدولية المحايدة والمستقلة لسوريا واعتماد قرار مجلس الأمن رقم 2286 الذي يدين الهجمات على المنشآت الطبية والعاملين الصحيين في أماكن النزاع.
مجلس الأمن يتبنى بالإجماع القرار رقم 2286 الذي يدين الهجمات على المنشآت الطبية والأفراد في حالات النزاع. وفي الوقت نفسه، تتبنى الجمعية العامة للأمم المتحدة قراراً بإنشاء الآلية الدولية المحايدة والمستقلة لسوريا للمساعدة في التحقيق وملاحقة المسؤولين عن أخطر الجرائم بموجب القانون الدولي المرتكبة في سوريا منذ آذار/مارس 2011.
الحكومة السورية تشن هجوماً عسكرياً لاستعادة السيطرة على الغوطة الشرقية
بعد أربع سنوات من محاصرة الغوطة الشرقية، تشن الحكومة السورية هجوماً عسكرياً بين شباط/فبراير ونيسان/أبريل لاستعادة السيطرة على المنطقة. في اليوم الأول من الهجوم، تحدثت التقارير عن تعرض خمسة مرافق صحية للهجوم وإصابتها بأضرار جسيمة أو تدميرها. مع انتهاء الهجوم، تبلغ المنظمات الإنسانية ومنظمات المجتمع المدني العاملة على الأرض عن 31 هجوماً على 26 منشأة طبية منفصلة.
أطباء من أجل حقوق الإنسان توثق وقوع 39 هجوماً على مرافق الرعاية الصحية خلال عام 2017
الحكومة السورية أو حلفاؤها الروس يشنون خمس غارات جوية على ثلاثة مستشفيات رئيسية في محافظة إدلب، وهي جزء مما يسمى مناطق خفض التصعيد. وثلاث من هذه الهجمات وقعت في اليوم نفسه.
هجوم بالأسلحة الكيميائية على خان شيخون
في 4 نيسان/أبريل، قبيل الفجر بقليل، تشن طائرات الحكومة السورية هجوماً على منطقة تسيطر عليها المعارضة في بلدة خان شيخون في محافظة إدلب. وتتضمن القذائف مواد كيميائية، يذكر أنها غاز السارين الذي يعتبر من أشد السموم فتكاً في العالم. يسفر الهجوم الكيميائي عن مقتل أكثر من 80 شخصاً. وبعده بساعات قليلة، يستهدف عدد من الغارات الجوية مستشفى الرحمة القريب بينما طاقمه الطبي يعالج ضحايا الهجوم الكيميائي. ويتعرض المستشفى لأضرار مادية وهيكلية ويضطر إلى وقف العمليات.
الحكومة تشن هجوماً على درعا
تشن الحكومة السورية حملة لاستعادة السيطرة على محافظة درعا، وتستهدفت الكثير من البنية التحتية الصحية والمرافق الصحية في المنطقة وتدمرها ضمن استراتيجية حرب متعمدة.
أطباء من أجل حقوق الإنسان توثق وقوع 58 هجوماً على مرافق الرعاية الصحية خلال عام 2018
توثق أطباء من أجل حقوق الإنسان 58 هجوماً على مرافق الرعاية الصحية في سوريا خلال 2018. استمرار الإفلات من العقاب على مهاجمة المرافق الصحية، واستمرار الهجمات، وغالباً ضد أهداف متكررة. استهداف مستشفى كفر زيتا التخصصي بحماة للمرة الثالثة عشرة.
استمرار الإفلات من العقاب على استخدام الاحتجاز التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب
الحكومة السورية تواصل استهداف العاملين في مجال الرعاية الصحية وغيرهم من المدنيين بالاحتجاز التعسفي والاختفاء القسري والتعذيب، مع إفلات تام من العقاب. تحقيق واسع لأطباء من أجل حقوق الإنسان عن استهداف العاملين الصحيين يكشف كيف جرمت الحكومة السورية تقديم رعاية صحية للجميع دون تمييز، بغض النظر عن الانتماء السياسي.
إنشاء مجلس تحقيق تابع للأمم المتحدة
الأمين العام للأمم المتحدة يشكل لجنة تحقيق أممية للتحقيق في تدمير المنشآت والمرافق التي تدعمها الأمم المتحدة والمنشآت المدرجة على قائمة الأمم المتحدة لمنع الاستهداف، بما فيها المرافق الصحية التي استهدفتها غارات الحكومتين السورية والروسية في شمال غرب سوريا. أطباء من أجل حقوق الإنسان تطلع مجلس الأمن الدولي على الهجمات على المرافق الصحية وعلى الأزمة الإنسانية في سوريا.
روسيا، بدعم من الصين، تستخدم الفيتو في مجلس الأمن للمرة الرابعة عشر لمنع وصول المساعدات إلى سوريا عبر الحدود
روسيا والصين تستخدمان حق النقض ضد مشروع قرار من مجلس الأمن كان سيسمح بتمديد إيصال المساعدات الإنسانية عبر الحدود لمدة 12 شهراً من معبرين على الحدود مع تركيا ومعبر واحد مع العراق.
كوفيد-19 يضرب سوريا ويفاقم ضعف النظام الصحي المشلول أصلاً
جائحة كوفيد-19 تضرب سوريا بشدة، وترهق المرافق الطبية بأعداد كبيرة من الإصابات. البنية التحتية الصحية في سوريا، التي تدهورت بسبب عقد من التدمير المتعمد والممنهج من قبل الحكومة السورية للمرافق الطبية في مناطق سيطرة المعارضة، لا تستطيع تلبية متطلبات الجائحة.
دراسة استقصائية لأطباء من أجل حقوق الإنسان تكشف تدهور النظام الصحي في محافظة درعا بعد عودته إلى سيطرة الحكومة في عام 2018، مما يترك قطاعاً صحياً – كان يعمل في السابق – غير مستعد لمواجهة كوفيد-19 والتهديدات الأخرى التي تواجه الصحة العامة.
Supported with German Federal Foreign Office’s funds by ifa (Institut für Auslandsbeziehungen), Funding programme zivik.